كان جميع مواطنى السودان
يتوقعون ان يكون مطلع العام 2012م بداية لعهد جديد بين السودان وجنوب السودان كونه
يمثل اول احتفال بعيد الاستقلال بمعزل عن جنوب السودان الذى مضي بالانفصال ويؤسس
لعهد جديد تتغير فيه المفاهيم التى سادت زمنا كبيرا بان (لاشمال بلا جنوب) حيث ان
الواقع يقول الان ان الشمال بقيى بلا جنوب وكذلك العكس.
وانتظر الشعب السودانى بداية العام على اعتبار ان العام الجديد ياتى
بموازنة جديدة ينعتق فيها الشمال من تبعات الجنوب استنادا على تصريحات سياسية كانت
تؤكد سابقا ان انفصال الجنوب لن يؤثر على الشمال قبل ان تنقلب تلك التصريحات
وتنعكس القناعات وتبنى الدولة موازنتها كاملة على عائدات نقل بترول الجنوب التى
يمتنع عن دفعها فكان الخيار ان ينال السودان نصيبه عينا وبالطبع جوبا ترفض هذا
الخيار.
سرقة نفط
جاء خطاب العام الجديد الذى القاه الفريق اول سلفاكير ميارديت رئيس
جنوب السودان يحمل اتهاما صريحا للحكومة السودانية بسرقة نفط بلاده في إشارة جديدة
للتصعيد بين الخصمين السابقين. ففي خطابه قال كير إن السودان يقوم بأخذ
نفط جنوب السودان بدون أي إذن ولكنه لم يقدم أية تفاصيل حسب ما كتبت صحيفة سودان تربيون. واصفا
الامر "بأنه
نهب في وضح النهار" في رسالته المنشورة على موقع حكومة جنوب السودان. الامر الذى جعل د. نافع على نافع رفض اتهام
سلفاكير وسخر منه وقال "ان كان سلفاكير لا يملك الشجاعة ليخبر اهل الجنوب من
يسرق نفطهم فنحن على اتم الاستعداد لمساعدته فى ان يعلم من الذى يسرق نفطه"
ولقد أوضح مصدر قريب من حكومة جنوب السودان بأن الخرطوم قد سرقت 1,2 مليون
برميل من النفط من خطوط الأنابيب وحولتها إلى مصفاتي الأبيض و الجيلي. وأضاف المصدر
قائلا: وقد يتخذ جنوب السودان قريبا قرارا بإيقاف ضخ النفط".
تبادل
اتهام
اتهم الرئيس السودانى عمر البشير، حكومة جنوب السودان بعدم الجدية فى
التوصل لاتفاق بشأن قضية النفط بين البلدين،
وقال البشير لرئيس البرلمان وعدد من رؤساء اللجان التشريعية الذن
سلموه ردهم على خطابه اما فاتحة اعمال المجلس الاخيرة " إن الحكومة اتخذت قرارها
من جانب واحد بأخذ رسوم عبور النفط الخام (شهر بشهر) إلى التوصل لاتفاق".
وأضاف " إن البرلمان السودانى اعتمد قانون عبور ومرور نفط الجنوب
عبر الاراضى السودانية، بيد ان طريقة حكومة الجنوب فى التعامل وحضورها للجلسات التفاوضية
ودورها على المقترحات توضح انها لا تريد التوصل لاتفاق". وتابع " ان أى تهديد من حكومة الجنوب بقفل
انابيب البترول ستحدث خسائر للحكومة "، بيد أنه عاد وقال " لكن الخسارة الاكبر
ستكون للجنوب لانهم ليس لهم دخل سوى البترول ".
حق شرعى
من جانبها اعلنت الحكومة انها اخطرت حكومة جنوب السودان ولجنة
الاتحاد الافريقي التي يرأسها ثامبو امبيكي بانها ستاخذ حقها استخدام البنيات التحتية في الاراضي
السودانية من بترول جنوب السودان عيناً اعتباراً من الاول من ديسمبر الماضي الي
حين الوصول الي اتفاق في المحادثات التي تعقد بين الخرطوم وجوبا في الفترة من 17
الي 23 يناير الجاري في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية العبيد احمد مروح ان
الحكومة ستشرع في اخذ استحقاقها
عيناً وان الاطراف المعنية
ستكون علي علم بالكمية التي ستاخذها الحكومة من النفط وقال انها كمية معلومة موضحاً انه عندما
يتم الوصول الي اتفاق يتم خصم استحقاق الحكومة السودانية اعتباراً من العاشر من
يوليو 2011م.
وعبر الناطق
الرسمي باسم الخارجية عن امله في الوصول الي اتفاق حول ملف النفط في المفاوضات
التي تعقد بعد منتصف يناير الحالي حتي يتثني للاطراف الدخول في بقية الملفات
الاخري
احتجاز طائرة
وبالمقابل قامت
حكومة الجنوب امس باحتجاز طائرة شحن تابعة للسودان كانت تنقل مودا لمعسكرات
البترول بحقول سارجاث التى لا تزال تشرف عليها شركات صينية مقرها بالخرطوم.
وقال وزير البترول والتعدين في جنوب
السودان إستيفن ديو إن طائرة شحن
سودانية تتبع لإحدى الشركات المساعدة في التنقيب وصلت إلى المنطقة النفطية دون
ترتيبات مسبقة أو إخطار لسلطات المطار صباح الخميس، مشيرا إلى أنهم سيشكلون لجنة
تحقيق لمعرفة ملابسات الواقعة.
وأضاف إستيفن "نشك في أن الخرطوم تقف
وراء هذه الطائرة التي كانت تريد نقل مواد بترولية..، إنها انتهاك لسيادة جنوب
السودان".
مفاوضات
ومن المقرر أن يدخل الجانبان في جولة جديدة من المفاوضات بشأن النفط خلال
هذا الشهر يامل الطرفان فى أن يصلا فيها لتسوية حول
النزاع بشأن الرسوم التي ينبغي لجنوب السودان دفعها لاستخدام خطوط الأنابيب المملوكة
لحكومة السودان لنقل البترول لموانئ التصدير على البحر الأحمر.
مقترحات مرفوضة
وكانت لجنة الاتحاد الأفريقي التي يرأسها السيد أمبيكي قد تقدمت بمقترحات
رفضت من قبل الطرفين. ولقد أخفق مقترح لجنة الاتحاد الأفريقي الداعي إلا أن تدفع جوبا
للخرطوم نسبة مئوية سنوية من صادراتها البترولية حيث أن حكومة السودان رفضت عرض جوبا
لمبلغ 5,4 بليون دولار وطالبت بمبلغ 7.4 بليون دولار
حاجة ماسة
الواقع يؤكد ان حكومة السودان شديدة الحاجة للوصول لاتفاق مع جارتها الجنوبية
ذلك لأنها تعاني من ضائقة اقتصادية شديدة بعد أن فقدت 75% من احتياطي النفط بانفصال
جنوب السودان.
وقد أشار سلفا كير خلال خطابه إلى أن حكومته "قدمت عروض مهمة من
شأنها تحسين الوضع الاقتصادي والمالي لجمهورية السودان انطلاقا من روح اتفاقية السلام
الشامل و كذلك لضمان بقاء الدولتين وكعلامة لحسن النية" كما حذر الخرطوم إلى ضرورة إيقاف توجهها
العدائي و أضاف أن جوبا ستواصل مساعيها الدبلوماسية لمعالجة القضايا العالقة بينهما.
موازنة
غير موزونة
الموازنة
التى اجازها البرلمان قبيل انقضاء العام كانت تعتمد فى اساسها على عائدات نقل
البترول لدرجة ان ذات ايام مناقشتها شهدت اجازة قانون خاص بعائدات نقل البترول عبر
الموانى السودانة فيما زكر رئيس البرلمان خلال مؤتمر صحفى بالبرلمان ان الحكومة
اقترحت مبلغ 38 دولار على كمل برميل نظير نقله عبر خط الانابيب وتصديره عر ميناء
بشاير الامر الذى يشير بوضوح الى ان الحكومة بنت موازنها على اسس غير موزونة فى ظل
تعنت حكومة جنوب السودان وعرضها لثمانية دولارات فقط للبرميل لتتضح بذلك الهوة
الكبيرة فى التقديرين السودانى والجنوبى مما ينزر بان الموازنة يمكن ان تنهار فى
اى وقت الامر الذى يجعل الحكومة تتشدد فى حيازة حقها الشرعى من النفط.
تقرير: محجوب عثمان